الموروار!
“لا شيء بعد النهاية”، كتب المفكّر المكسيكي اوكتافيو باث…
حتماً هو لم يعرف جهنّم اللبنانية: تلك المساحة من جغرافيا الضمير التي حوّلتها منظومة تحكّمت بها الى موروار، مثوى الاموات. الفجيعة هذه لها… اشياء بعد النهاية، تتكًشف فصولاً يوماً بعد يوم.
لطالما اعتقدت انّ أمكر تجلّياتها تأتيك في ثياب طوباوية الجبل الملهَم، وطهرانيّةمرشد التائهين في بِيد الممانعة (لمن؟)، وارانب استاذ الثعلبة على الديموقراطيّة، وغلمانيّات حرير الصحارى هادر المليارات على قفا غانية، ودوران الراكب على سباقات البدل الاجراميّة، ونسكيّات سفّاح القمم قاطن مغاور لا القوّة بل القوى (لماذا؟).
لكنّي ما كنت على كفاية ادراك، ليس لأنّ لتلك المنظومة امتدادات شيطانيّة ملحقة بها -وهو ما كنت عارف به-، بل لأنّ في افلاكها يدور ما هو أعتى وطأة: طبقة من المحتكرين الفجّار يمنعون الدواء عن ذوي الامراض المزمنة، والحليب عن الرضّع، ومصادر الطاقة عمّن يحتاجونها… لا لشيء الاّ لإغتنام فرص تحقيق ارباح طائلة على حساب المتاجرةوالمقامرة بحياة بشر.
قيل في علم الأصول انّ الشياطين تعمل وفق استراتيجيّة النخر من الداخل:ديابولسايّرامي التفرقة، وساتاناس ايّ الموسوس. وها نحن في الموروار اللبناني ضحايا دوبل:
- لشرٍّ متأدلجحقنتنا به المنظومة الشيطانيّة، المشيطنة كلّ آخر،
- ولشرٍّمتبجّح تلقيناه من افلاك المنظومة،الضامنة لمكاسبها.
الأول يحمي الثاني ويؤججه في السوق السوداء، والثاني يؤجج الاول ويحميه في نزعات التقوقع والتفتيت ومنطق الدويلات المؤبّد لسلالته الشيطانيّة. والشرّان، ما بعد النهاية، يلتقيان في ابشع انواع الجرائم ضد الانسانيّة: ابادة شعب… ما بعد الابادة.
الا يحق لنا ان نسأل،اقّله، اين هي مفوضيّة حقوق الانسان في الأمم المتحدة، تلك التي هزّت المسكونة يوم تمّ احتجاز نحو مليون من اقلية الايغور المسلمة في “مراكز مكافحة التطرّف”، فيما نُباد كلّ يوم رهائن طوابير الفجيعة؟
غدي م. نصر