الهبات الخارجيّة في “مهب الريح”!
نحن لسنا عبيدًا، يكفينا اغتصابًا للحقيقة والواقع!
لبنان هو لمواطنيه وليس لسياسييه!
لماذا البغض السياسيّ أصبح يعاملنا وكأنّنا قبائل نعيش في لبنان، قبائل مطعونة في الصّميم الحياتيّ، مع العلم أنّ أجدادنا هم الذين زرعوا الأرض، أما أنتم يا أيّها المسؤولون نراكم تحصدون من دون أن تزرعوا! لذا نحن المواطنين لا نشبهكم لا في الماضي القديم، ولا في الحاضر المعاصر، لأنّكم تعاملوننا معاملة القبائل ضمن الدّولة، وهمّكم الوحيد هو عناق الوفود السيّاسية الخارجيّة بكلّ “رحابة صدر”، ونحن الضّعفاء نعيش حياة القلق البلا حدود.
ليس من المنطق اعتبار ما يحدث في الشّرق من أحقادٍ سياسيّة بحقّ الشّعوب المقهورة على أنّه انتصار للغرب، ولكنّه مرحلة من مراحل صراع العقائد الذي يعود إلى قرنٍ كاملٍ مضى، لذا ويلٌ لأمّةٍ تحلّ فيها الطائفيّة مكان الوطنيّة، لأنّ أبناءها بدلاً من أن يتحابوا فنراهم يتخاصمون بكلّ عناد ومن دون شفقة، وعندما يفرض عليهم التّضامن، فيتفرقون مثل كرات الثّلج عندما تتعرض للذوبان، وكلّ هذا لأن عنفوان المسؤولين لا يلين.
أيعقل أنّنا نعيش اليوم نظام الوحدة غير الموّحدة؟ ما هذه الوحدة التي حدودها “من بعد حماري ما ينبت حشيش”، لا شكَّ أنّه النّظام العالمي القديم والجديد في آنٍ معًا، أي نظام العولمة، الذي هدفه “التّطور البشريّ الحضاريّ” بينما في الواقع لا نشاهد غير سقوط مئات القتلى والجرحى كلّ يوم، مع العلم أنّ هذا النّظام ينادي بالمساواة، أين نحن من هذه المساواة عندما تصبح معالم الإنسانيّة مفقودة؟
السياسة ليست للاستقبال فقط، بل هي الدّعوة المناهضة للخروج ولو بالقوّة عندما تتعرّض للإضطهاد الدّاخليّ والخارجيّ، ولكن مواقف الرّجال بتنا نعاني من فقدانها في هذا الزّمن الذي معظم رجالاته همّها العرض والطلب، وهنا المصيبة الكبرى عندما تصبح الهبات الخارجيّة في “مهب الريح”!
صونيا الأشقر