بين الهَزْلِ والجدّ العالَم أمام معادلات حاسمة!
سواءٌ هذه أم تلك، فإنّ ما يجري اليوم هو مسرحية حقيقية تجري أحداثُها على مساحة القارات وقد ساوت بين عالَم الشمال وعالم الجنوب، وستُقفلُ ستارتُها على سقوط أممٍ ونشوء أخرى بحسب أنظمة جديدة وربّما متجدّدة.
لبنانيًّا، يبقى الشعب عالقًا في بؤرة وحلٍ متحرّكة بين التعطيل الدستوري من رأس الهَرَم حتّى أسفلِه و بداية تخلّي الغرب عن مشاكلنا وسخافاتنا لانغماسه بقضاياه الوجودية الداخلية التي ستُشعلُ حربًا عالميّة ثالثة. وآخرُ سالفة هزليّة لبنانية هي اعتقال رياض سلامة ناهب أرزاق الناس “النصّاب والحرامي”. ولكن لماذا تمّ توقيفه؟ هل تخلّى عنه من كان يدعمه من ماسونيي أميركا والغرب أم أنّها لعبة خبيثة كامنة في نفس حيوانات الدولة الدولة اللبنانيّة الحربائيّة. (من حرباء). الإحتمالان واردان.
إقليميًا، تتوارَد أسئلة عدّة حول عمليّة طوفان الأقصى، ربّما وُجدت الإجابة وربّما لا. ولكن يبقى السؤال: ما نفعُ عملية الأقصى التي عرّت إسرائيل من صيتها المقنّع بقناع العظمة والعتاد لتدخلَ حماس بعد ذلك في عمليّة مفاوضات لانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزّة ونتساريم ومحور فيلاديلفيا وإعادة الإعمار، في حينِ كانت غزة لاتزال فوق الأرض؟ نفهم إذًا من شروط حماس هذه مطالبة إسرائيل بالإنسحاب من غزة وإعادة إعمارها مع الإبقاء على الإحتلال الكامل منذ “وعد بلفور” إلى هجرة اليهود إلى فلسطين وصولاً إلى النكبة الفلسطينية عام 1947. ولكن كان الأجدى بحماس وبما أنّها أعلنت الحرب على إسرئيل من خلال إطلاقها عملية طوفان الأقصى أن أن ترفعَ أكثر سقفَ شروطها لتطالب إسرائيل بإعادة كلّ الأراضي الفلسطنية التي اغتُصبت منذ صدور “وعد بلفور” في القرن العشرين حيث تبنت بريطانيا سياسة إيجاد كيان يهودي سياسي في فلسطين حتّى هذه الساعة. وما عدا ذلك فهو “ضراط عا بلاط”.
تتحدّث حماس عن إبرام صفقات مع إسرائيل، كأن يخيّر أبو عبيدة نتنياهو بين إبرام صفقة أو عودة الأسرى الإسرائيليين في توابيت. ولكن في كلّ ذلك تكمن المشكلة في أنّ هذه الصفقات التي يتواتر الحديث عنها عبر وسائل الإعلام غير مُجدية. إنّ الصّفقة الحقيقية في هذه الحال هو رفع سقف الشروط والإصرار على تحقيقها على أرض الواقع وليس مناورة كما سبق وذكرنا آنفًا.
باختصار، هذه المماطلة في نزيف الحروب المتنقّلة لن تنفع من أجل إطالة أعمار الكاذبين، فإمّا السّخونة وإمّا البرودة. لقد سئمنا كذبًا وخبثًا وهدرَ دماء جرّاء كلّ هذا النفاق.
إدمون بو داغر