ساترفيلد بين الغاز.. و”صفقة القرن”!
زار ساترفيلد لبنان أولاً ليطمئن – ويطمئن الإسرائليين لاحقاً – أن اللبنانيين غارقون حتى آذانهم بالأزمة الإقتصادية، والتناتش الحزبي والصراع الطائفي المفتوح في غفلة تامة عن مشروع ترسيم الغاز الذي لا تريده إسرائيل أو مشروع توطين الفلسطينيين الذي أصبح جزءاً من “صفقة القرن”، ثم زار إسرائيل بعد أن وعد اللبنانيين “خيراً” بمهمة الترسيم. لكنه عاد – كما يرغب – خالي الوفاض من الترسيم وكل همه توطين حوالي 100 ألف لاجئ في لبنان.
ويبدو أن مهمته التوطينية سهلة لأن المسؤولين اللبنانيين إما مسلمون مؤيدون ضمناً لهذه الصفقة أو مسيحيون مستنكرون لها ونائمون ملء جفونهم عنها. هذا ما يجعل مهمة ساترفيلد سهلة: قبول لبنان “بصفقة قرن” على حسابه، مقابل تسفير نصف اللاجئين إلى الغرب، وتعويم لبنان اقتصادياً قبل انهياره المحتوم!.
“ويل لأمة لا تثور إلا وعنقها بين السيف والنطع”، قالها جبران من زمان. و”اللي ما يطلّع بعيد بيوقع قريب” كانت تقولها إم الياس في الضيعة. لكن حكامنا لا يفهمون هذا المنطق. فالتخطيط المستقبلي كان ولا يزال غريباً عنهم. ويستعينون عليه “بالخبراء الأجانب” الذين يقدمون تقاريرهم بعد استكمال مهماتهم للحكام اللبنانيين.. كي يلقوا بها في الزبالة. عندما قدّم إيكوشار في الماضي تقرير مشروعه الإقتصادي سأله المسؤول اللبناني: “كيف ترى اقتصادنا؟ أليس فيه أعجوبة؟” أجابه الخبير: (le miracle, mon ami c’est que vous existez) “الأعجوبة يا صديقي أنكم لا تزالون على قيد الحياة!”
ساترفيلد يتلاعب اليوم بالمسؤولين اللبنانيين كما المهرّج بالماريونيت، مستخدماً طرقاً مستحدثة من الترغيب والترهيب. إنه يعرفهم تمام المعرفة فرداً فرداً ويدرك أن أياً منهم لن يحجم عن اغتيال يومه الخاص على حساب مستقبل وطنه. وعليه، ستكون مهمته السياسية في تنفيذ مآرب إسرائيل عبر “صفقة القرن” لعبة سهلة وممتعة.
د.هادي ف. عيد