صراع ديوك في القصور!
بعدما دنّس الكارتيل الحاكم الدستور اللبناني، وألغى كل المؤسسات والإدارات العامة، ونهَب الخزينة، وكبّلنا بالديون، وأفلس المصارف، وأقفل قنوات الحوار السياسي مستبدلا إياها بالنكايات .. اتى دور القضاء، ومن بعده القوى الأمنية على ما يبدو.
من المعيب ما نشهده من صراع ديوك في القصور، أكان في سرايا السلطة التنفيذية، أم في محافل السلطة التشريعية، أم في أروقة قصر العدل كاتم الاسرار وحامي الحقيقة المفترض. هذه الحقيقة الغائبة عن دولة القانون.. والمؤسسات.. والعيش المشترك.. وحوار الديانات والثقافات.. والتي تحوّلت الى اكاذيب يروونها لنا منذ بدايات الجمهورية الثانية، وراح ضحيتها الكبار والصغار.
يتكلمون عن مؤامرات شريرة تُحاك لتدميرنا من قبل دول اجنبية، منهم من يُدين الشرق وغيرهم الغرب، وآخرون يتّهمون طوابير غامضة. والحقيقة أن التدمير الذاتي اقوى من كل المؤامرات ولا تفتشوا عن أعداء فالموجود فينا أكثر فتكا من كل هؤلاء. وما هو أفظع واخطر، جمود الشعب العظيم وانصياعه الكامل الشامل لتوجّهات جلاديه..
حتى الخواريف يتخبّطون هربا من المسلخ، أما نحن فنسير نحو النحر طائعين. لذا يستسهلون ذبحنا، عندما يحلو لهم !
ما حدا فاضيلنا!
بعد تدمير السلطات، باتت البلاد عرضة للمخاطر، والاتكال على القوى الأمنية دون غير. رغم ذلك شن وزير الدفاع حربا على قائد الجيش، ومن ثم تراجع قسرا لكن النوايا لا تزال غير سليمة…
شاع الكلام عن “حرب أهلية” وغيرها من الأخبار المقلقة التي توتّر الاجواء.. وتشنّج النفوس.. وتهيئ الأرض لاندلاع النار عند أول شرارة. لكن رغم اقتناعنا بأن الوضع غير سليم على الإطلاق أمنيا، اننا نعتبر ان رغم النكسات المحدودة في الزمان والمكان التي ستحصل، أي نار تندلع ستطفأ بسرعة.
لبنان لم يدخل في مسار الحل النهائي بعد، بانتظار حلول المنطقة التي تأخّرت بسبب الحرب الأوكرانية. وبصراحة، الرسالة الغربية والشرقية واضحة : “اعطيناكم فرصا عديدة لتنظيم بلدكم وفشلتم”، “اضبطوا نفسكن، ما حدا فاضيلكن هلّق”.. وسينصاع أولياء أمرنا لهذه “النصيحة”.
جوزف مكرزل