عصفورية الوطن أم وطن العصفورية؟!
في أوائل تسعينيات القرن الماضي تملّكَت شركة كويتية مبنى وأرض ما كان يُعرف بـ “العصفورية” في منطقة الحازمية، وكان خالي رحمه الله مسؤولاً في هذه الشركة وتم تكليفه بملف إدارة العقار لهدم العصفورية وتشييد أبنية ومجمّعات تجارية تحت تسمية “بيروت 2″، إلاّ أن الظروف السياسية والإقتصادية والأمنية الخارجية والداخلية كانت تؤجل المباشرة بهذا المشروع..! وذهبت برفقة خالي يوماً لتفقّد هذا العقار فتعرّفت عن قرب على العصفورية وشاهدتها بأُم العَين بعدما سمعت عنها أخباراً يتناقلها الناس! سألت خالي: “أين هم المجانين الذين كانوا هنا؟!” أجابني بنظرته الصارمة المعهودة: ” هؤلاء ليسوا مجانين بل مرضى عقليين.. كل واحد راح بطريقو شي طلع عند ربنا وشي رجع عا بيتو وشي داشر ببلاد الله الواسعة”! وسألته: “وماذا سيحدث عند هدم العصفورية وأين سيستقبلون المجانين؟!” ردّ بضحكة: “المجانين اللي برّا صاروا أكتر بكتير من اللي كانوا جوا!”
رحم الله الخال، عايَش في أيامه مجانين كثر لكنه لم يكن ليتوقّع أننا سنصبح كلّنا مجانين في وطن حوَّله ساسته ومتزعّموه إلى عصفورية كبيرة تضم عصفوريات بأحجام مختلفة! من عصفورية سياسية وعصفورية دستورية مروراً بعصفورية برلمانية إلى عصفورية وزارية كما عصفورية مالية وصولاً إلى عصفورية قضائية.. وحبل العصفوريات على الجرّار!
..لم تُهدم تلك العصفورية ولم يتم بناء المشروع.. ربما من الأجدى أن نعيد ترميمها لنضع كل هؤلاء المتسوّسين عقلياً فيها، لعلّ الوطن يرتاح ويعود المواطن إلى رشده وتعود العصفورية إلى عملها فيدخلون هم إليها ونخرج نحن والوطن من عصفوريتهم!
انطوان ابوجودة