عضّ الأصابع، هل يمنع الحرب؟!
أتانا الحريري الصغير بحلّة جديدة للتظاهر في ذكرى استشهاد أبيه والتقاط الصور التذكارية وليس للبكاء على ضريحه، وغاب كما أتى من دون أي استفادة وطنية. لذا لا داعي للثرثرة حول فولكلوره السنوي كما يفعل البعض لمجرّد البرعطة السياسية الفارغة، لأننا نعيش مرحلة جدّية من القلق الوجودي. قلق على مصير شعب مهدد من قبل عدوّ إسرائيلي بقيادة مجنون متطرّف مجرم يرتكب المجازر بهدف تأجيل الكأس المر الذي ينتظره على الصعيد الشخصي. تماما كما مسؤولينا الذين ينحرون لبنان على مذبح مصالحهم الدنيئة، غير مبالين للمجازر المعنوية والاجتماعية والمعيشية التي يرتكبونها، والتي هجّرت شبابنا وهشّلت أدمغتنا. أي أنهم بالمطلق أسوأ من نتنياهو الذي لا يقتل شعبه على الأقل.
العالم بأسره قلق على ما قد يحصل على حدودنا الجنوبية، وحكومتنا نائمة، تستفيق فقط من وقت إلى آخر لوضع ضرائب هوجاء. أما الحزب الإلهي فمن المفترض أن يكون على علم بالمخاطر المحدقة ونيّة العدو غدرنا وتدمير مدننا وبنيتنا التحتية، لكنه يهرب إلى الأمام معتمدا سياسة الكرّ والفرّ أو عضّ الأصابع، مكتفيا بتعداد الشهداء الذين يسقطون “فدى فلسطين”، وهم في النتيجة مجرّد “اضرار جانبيّة”.
يا جماعة، شبابنا ليسوا أضرارا جانبية ولا كبش محرقة، خصوصا اننا لسنا متأكدين أن عض الأصابع بين الحزب والعدو يمنع الحرب. الرسائل التي تصلنا من فرنسا وعدة دول غربية يزور المسؤولون فيها اسرائيل بشكل دائم لإيقاف مجازر غزّة ونزع فتيل التفجير على حدود لبنان، تؤكّد أن نتنياهو ومجموعته المتطرّفة تعتبر أن مشروع “إلغاء حماس” لن يتوقف عند حدود غزّة بل يقتضي بضرب مقدرات حزب الله في لبنان،” كي يبعد عن الإسرائيليين نهائيا خطر الصواريخ المصلتة فوق رؤوسهم”. أي أن التهديد جدّي ولن يلتزم المجنون الاسرائيلي بالخطوط الحمر التي وضعتها أميركا وفرنسا بعدم المسّ بلبنان. لذا يجب أن يتصرّف الحزب، الذي لا يريد الحرب، بعقلانية وبعيدا عن المزايدات، لمنع أي مبرر يغتنمه نتنياهو لفتح جبهة الجنوب.
كي لا يقول الحزب وأمينه العام من جديد “لو كنا نعلم…” !
جوزف مكرزل