عيدان وضحية وحرب …
أمام واقع أم حامل ماتت وجنينيها شهداء انقطاع التيار الكهربائي يسقط كل كلام ومبرر. أمام والد يحمل طفله ذا الأربعة أشهر وجهاز التنفس ويتوسّل بضع دقائق من التيار كي يبقى ابنه على قيد الحياة تسقطون أنتم وكراسيكم وأكثريتكم النيابية البالية! البلي تستركن!
صفة النذالة أو الحقارة قليلة عليكم! في تاريخ هذا الوطن أسماء كثيرة حملت وسام الشهادة لكننا اليوم جميعاً مستشهدون أحياء. نحن شهداء قلّة انتمائنا الى الوطن وفقدان الثقة بأنفسنا. نحن شهداء الاستغباء والاستسلام والتبعية. نحن شهداء حرب لم نرغب يوماً بخوضها أغدقتم مال الحرام لتمويلها فتحاكمنا نحن وأنتم حكمتم. نحن شهداء التهجير مسلوبو الحقوق وحتّى المطالبة بها. نحن شهداء سياساتكم الفاشلة وأساليبكم الحقيرة ونتانة مشاريعكم. نحن شهداء إرادة الحياة التي فينا، شهداء التعايش والطائفية والذكورية في أحكامنا.
في عيد الجيش، الذي ألغته كورونا، لأنها لا ترتاح إلا أيام الثلثاء والأربعاء بعد خمسة أيام من التفشي الدؤوب، نستذكر عادةً الشهداء الذين قاتلوا بالشرف والتضحية والوفاء وبعض السلاح وبذلوا الدماء في سبيل بناء وطن لم يولد بعد. ويتقلّد فوج جديد من الضباط وسام النضال في سبيل وطن باعوه أراعن المجالس ويسكرون على ذكراه.
وفي عيد الأضحى، بحثوا عن ذبيحة فلم يجدوا إلا المواطن، أرخص من لحم البقر والماعز وحتّى الخنازير.
وفي الحدود الجنوبية تدور مسرحية أبطالها معروفون والقضية تثبيت وجود وتقويم كلام. وبين الفاصل والفاصل الخناق لا يضيق إلا على رقبة الضحية.
حروبكم الدونكيشوتية لا رابح فيها بل خسائر. وقد استنزفنا وما عاد لدينا أي معلم من معالم الحياة كي نخسره. وبدل أن تحرّكنا غريزة البقاء نعيش على أمجاد الماضي ونبكيها ونكتب عنها كلمات متحسّرة على الحيطان الافتراضية. عيدان وحرب فهل تتغيّر الضحية؟
اليانا بدران