فاجعة الخروج على العقل
منذ ذاك الـ 13 نيسان، والدم المهدور لمّا يزل جارفاً… وكذلك فاجعة الخروج على العقل، وهي أخطر مسبّباته ونتائجه.
وللذكرى: فقد أَعطي الموارنة وطناً كان ثمرة دمائهم، فأرادوه لهم ولغيرهم ممّن اضطهدتهم ظلاميّات الشرق. لكن البلية انّ ما استحكم بمن ادار حكم لبنان منهم هو الاستماتة في بلوغ كرسي، حدّ التنازل عن كلّ شيء للحصول على موافقة الشريك الآخر: من ادخال اللاجئين الفلسطينييّن، الى اتفاقية القاهرة عام 1969 لربح انتخابات رئاسة 1970، الى ديكتات الطائف 1989 والتنازل عن الصلاحيات الورقية، الى العبثيات الافلاسية المتلاحقة للتربّع على اطلال الموقع الأول وتوريثه للوريث، الى…
وأَعطي السنّة وطناً كان بإمكانهم الأفتخار انّ بناءه ثمرة شراكة مع المسيحية، وتالياً انّ العيش معاً بالمساواة على الرغم من الاختلاف الديني ممكن بتفاهم عقلاني يُقتدى به، فيما لم يتحقق ذلك منذ الهجرة النبوية وحكم السلالات الاسلامية الى ملوك طوائف الاندلس وجمهوريات الغرب. لكن البلية انّ ما استحكم بمن ادار حكم لبنان منهم هو الاستماتة في استنزاف الشريك المسيحي حدّ الانبطاح امام اي مدّ سني تماهى مع العروبة واستطاب تفريغها لأوهامه الايديولوجية: من الثورات الفلسطينية الى الناصريّة فالبعث الصدّامي- أسدي والإنفلاش الأخواني- وهّابي.
وأَعطي الشيعة وطناً كان بإمكانهم الأفتخار انّ لهم فيه مكانة الموقع الرئيس المنتخب من كافة اطياف الشعب، ومكانة تحويل الدفع العقلاني الى شرائع حكم، وهو ما كان ليكون على ضفاف المتوسط، وهم فيها أقليّة. لكن البلية انّ ما استحكم بمن ادار حكم لبنان منهم خلص الى نهب مقدرات الدولة وبناء دولته على انقاضها، منجزاً تطهيراً إتنو-مذهبيّاً أقصى به من رفض انسحاقه امام ولاية فقيهه الفارسي.
وبعد؟ أولئك الذين حوّلوا لبنان الى مصحٍّ عقليٍّ بسبب عقمهم العقلي وعِقَد خبثهم الى جهنم، ومن تبقّى من لبنانييّن هنا الى الحريّة. والاّ فاجعة لبنان الأخيرة: زواله النهائي… بصمت من بقي من هؤلاء.
غدي م. نصر