«لأنه مِنّا وفينا»
وضعُ اللبنانيين مع زعمائهم كمِثل قصّة الغابة مع الفأس.
يُحكى أن الغابة سُئلت لم السكوت عن الفأس مع انه يُمعن في تقطيع اوصالك والفتك بأشجارك ليلاً نهاراً، وانتِ تتقلصين وسوف تضمحلّين وتختفين بسبب ذلك. فأجابت الغابة: لأنه «مِنّا وفينا» … ألا ترون أن قبضة الفأس من الخشب؟!
من مصائب لبنان تلك العلاقة الزبائنية التي حوّلت الناس إلى اتباع وعبيد للزعماء والمتنفذين، وبدلاُ من أن يكون هؤلاء صوتاً للناس وممثلين لمطالبهم وأحلامهم وآمالهم، وساعين ومُدبّرين لاحتياجاتهم، بل وموظفين وأجراء عندهم، انعكست الآية وأصبح الناس قطيع غنم وأدوات عمياء لتأليه الزعماء وتنفيذ رغباتهم ومآربهم، وحماية فسادهم وفجورهم وغيّهم، ودعم اقطاعهم ومرجعيتهم ودورهم.
ألا تلاحظون أنه في كل فرصة يتفلت فيها الناس من نير الزعماء وهالتهم ويبدؤون في مساءلتهم أو حتى التذمّر منهم، يتم اجتراح قضية أو افتعال إشكال أو تحريك ملف، عبر العزف على وتر الطائفية أو المذهبية أو المناطقية أو العشائرية أو العائلية، فيعود الناس طوعاً إلى الحظيرة والطاعة، وأشدّ حماساً من قبل، بل قد ينسون ما مضى من اجحاف وإساءة!
لا خلاص للبنان ولشعبه إلا بالخروج من التبعيّة بجميع أنواعها وأشكالها وصورها، سياسية كانت أم دينية او مناطقية … لا خلاص للبنان سوى بالمواطنية البحتة وحدها لا شريك لها.
عبد الفتاح خطاب