لن يترحَّمَ أحدٌ على كَوْمَة من “اللَّبَش”!
دخَلَ اللبنانيّون المرحلة الأخيرة من هذه المحنة التاريخيّة، وقد طلَعَ ضوءٌ خافتٌ من الأفق، وبالرّغم من بُعده، فإنّه يبشّر بأملٍ، بل برجاءٍ مشعّ بأنوارِ القيامة. في المقابل، دخلت طبقة المافيا الهَرِمة التي أطَبقَت على أنفاسِ كثيرين في لبنان مرحَلَتَها الأخيرة من الحُكم المزيّف والمُزوَّر، والتي فشلت في كلّ ما عملته، لأنّ كلّ بنيانِها كان باطلاً وسيتهاوى حالما تُدير ظَهرَها وترحل من دون عودة. ولن يترحّمَ أحدٌ على هذه القُمامَة الحاكمة زورًا! كيف سترحل؟ الإجابة مختصرة، وهي أنّ ورقة رحيلهم بل اعتزالهم (بل عزلهم) هبطت من كوكبٍ خارجيّ؛ ومَن قالَ إنّ التّسويات تحصل فقط في لبنان؟ لا يا عزيزي، فالغرب من أدناه إلى أقصاه ومن شرقه إلى غربه قائمٌ على التّسويات، وإلاّ فكيف استمرّ هذا الغرب إلى اليوم بعظمته لو كان فقط القانون سيّد الإنسان. لا، التّسوية هي سيّدة المواقف في كلّ الأزمنة والأمكنة. وقالها يومًا يسوع المسيح للفرّيسيين أبناء الحرف وأحفاده: “السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ”. (مر 2:27).يعني أنّ الإنسان سيّدُ السّبت، وليس السّبت سيّدُ الإنسان، وبتعبير آخر، الإنسان هو سيّد القانون والشّرائع، وليس العكس، وبالتّالي لسنا عبيدًا لقوانين من انتاج البشر، وبخاصّة إذا كانت بالية وغير عادلة.
طبقة سياسيّة وقضائيّة وماليّة ومصرفيّة مُعلَّبَة باتت حاضرةً، بانتظار دقّ ساعة الإستحقاق، وكيف ستدقّ هذه السّاعة؟ هل ستَدقّ على وقع موسيقى الموت باغتيال أحد الرّؤوس المافيوية؟ هل ستدقّ بانتفاضة شعبيّة جديدة مع إخراج ومخرجات مُستَحدَثة؟ هل ستدقُّ بافتعال فتنة ترتقي إلى رتبة “حرب أهليّة” لأيّام ليس أكثر، لتكون مدخلاً لطائفٍ جديد أو مُعدّل، مترافقًا مع تسليم الطّبقة السياسيّة والقضائيّة والماليّة والمصرفيّة المعَلَّبَة والتي غَدَت جاهزة؟ إنّ غدًا لناظره قريب!
إدمون بو داغر