محاربة الفساد تبدأ بعرّابي المافيات…
تراودنا الشكوك من ان حملة مكافحة الفساد جدّية، او انها ستدوم، او انها ستطال رؤوس المافيات السلطوية ام ستكتفي بالموظفين الصغار وبعض المدراء الفاسدين الذين سُحبت منهم حصانة قوّاديهم من رجال الحكم.
اعتدنا على الاختلاسات الصغيرة والكبيرة من قبل الإداريين واهل الحكم. ودائما المواطن هو الذي يدفع الثمن في آخر المطاف. لكن عندما يطال الفساد القانون، والصحة، والعلم، والامن يصبح الامر أخطر بكثير كونه لا يتعلق بالمال فقط بل بالإنسان. ويبدو ان الفضائح طالت هذه القطاعات التي بدأت الرؤوس تقع الواحدة تلو الأخرى وصولا الى مدراء عامين كانوا اباطرة يتحكمون بالمواطنين كما بالمؤسسات الرسمية والخاصة ويقبعون اليوم في السجون بانتظار الحكم عليهم.
أحكام تباع وتشترى، مستشفيات وأطباء تحولوا الى سماسرة، شهادات تزور غبّ الطلب، رجال أمن وموظفون يبتزون الشعب… والحبل على الجرار. عندما يضيع القانون، وتكسد الصحة، وتزوّر الشهادات، ويُهدر الحق، يتحول الانسان الى سلعة رخيصة لا قيمة لها ولا وجود. من هنا ضرورة محاربة هذا الوباء القاتل الذي يُفرغ لبنان من محتواه وما هو اهم من شبابه الذي يرفض ان يكون فريسة احد، مسيّرا غير مخيّر، بل ما هو اخطر ان لا يكون!
يقولون ان الحرب على الفساد بدأت، ونقول انها لا تزال شكلية للاستهلاك المحلي والدولي ليس الا، طالما الكبار لا يزالون فوق القانون. صحيح ان المجرم مجرم مهما كان حجمه ويجب ان يحاسب وينال العقاب الذي يستحق، لكن الفاسدين الصغار يتبدّلون غبّ الطلب من قبل الفاسدين الكبار الذين يبيعوهم عند الحاجة ويستبدلوهم بغيرهم. وهذا التمويه والتحايل باتا واضحين للجميع ولن يعودا يفيين بالهدف المرجو. من هنا لن تستعيد الدولة اللبنانية مصداقيتها الا عندما يسقط عرابو المافيات… لكن كيف طالما هم الحاكمون والمقررون؟