“مخ بقر”!
المشاكل العائليّة عقيمةٌ ومعقّدةٌ مثل المشاكل السّياسيّة، فيا أصحاب الهمم السّياسيّة والانقاذيّة كما تدّعون، اسمعوا واقرأوا وتمعّنوا جيّدًا، مشكلتنا في السّياسة اللّبنانيّة المعقّدة بفضلكم، قد وُجد لها الحلّ المنقذ، شرط الالتزام بتفاصيله ومعاييره كلّها. ثمّة عائلةٌ لبنانيّةٌ كمثل معظم العائلات اللّبنانيّة، غارقةٌ بالمشاكل بين أفرادها، فالكلّ عنوانه: “الحقّ معي”!! تكاثرت الحقوق، والنتيجة ” ضاعت الطاسة” والعترة على الأولاد كما يقال:” الأباء يأكلون الحصرم والأولاد يضرسون”، مثل السّياسيّة:“السّياسيّون يأكلون الحصرم والشّباب يضرسون”.
فمع اقتراب العيد، كالعادة، كلّ عائلةٍ لها مفتاحها، لذا قرّر صاحب المفتاح في تلك العائلة المشرذمة، أن يبدأ بزرع اللّحمة العائليّة بطريقةٍ ذكيّة، فقد عمل على طبخ “مخ بقر” وأن يدعو كلّ أفراد العائلة للغداء، علّها هذه الدّعوة تعمل على تفكيك التّشنجات في داخلها، وكذلك يكون الغداء مفتاحًا لكسر الجليد العائليّ، فبدأت المشاورات بين أفراد تلك العائلة، مع من يرغب بالمشاركة، ومع من لا يستطيع المشاركة بسبب ارتباطٍ مسبق، وعلى رغم كلّ الخلافات المزمنة، بدأت بوادر الدّعوة تظهر عبر المشاورات والاتّصالات مع بعضهم إلى بعض، إلا أنّ الدّعوة لُبّيت من قبل قسمٍ من العائلة، أمّا القسم الآخر فقد قدّم كلّ أنواع الاعتذارات، بعد أن أصبح “مخ البقر” لسان حال تلك العائلة، في أثناء طبخه، وبعد أكله بمن حضر، وبمن لم يتمكّن من الحضور. وفي اليوم التّالي بدأت التشّكرات لصاحب الدّعوة، وبدأت المشاورات: كيف كان طعمه؟ فهل كان لذيذًا؟ فالجواب المسيطر:”بالفعل لقد ذكّرنا بأمّنا وأبينا عندما كنّا نجتمع معًا على طاولةٍ واحدة في أثناء المناسبات”، وكأنّ المشكلة حُلّت مع ” مخ البقر”. إذًا الحلّ موجود، ومفتاح السّياسة موجود أيضًا، فعلى صاحب المفتاح أن يعمل على طبخ “مخ بقر” على الطريقة اللّبنانيّة الأصيلة، ويدعو كلّ السّياسّيين الكرام، وبين الذي يلبّي الدّعوة، وبين الذي يعتذر، تنهال الاتّصالات، وتبدأ التّشنجات السّياسيّة بالحلحلة، فيقوم السّياسّيون الحاليون باستذكار السّياسيين الرّاحلين الكبار، الذين حفروا تاريخ لبنان بمجدهم الأصيل، الذي كان همّه لبنان أولاً وأخيرًا، عندها يمكننا القول:” صحتين ع قلبكن وصحتين ع قلب لبناننا العنيد!!!
صونيا الأشقر