مشاهد سياسيّة “إباحيّة”!
بات مؤكّدًا ومحتومًا، (في حكم الحتميّة)، أنّ أمورًا كثيرة حول العالم لم تعدْ تعملْ، Elle ne fonctionne plus أيْ أنّها توقّفت عن الدّوران الطبيعيّ وغدت في موتٍ سريريّ، وفي ظلّ هذا السُّباتِ العقيم، لم يعدْ يعمل لدى أبناء هذا العالم السُفليّ والدونيّ سوى الجزء الأجْدَبْ والأجْرَدْ والخاوي والعاقر والمَاحِل من عقولهم، فولّد الشر والأعمال الباطلة.
نحن أمام عددٍ كبير من المشاهد حول العالَم والتي تُنذرُ “بخراب الهيكل” وسقوطه على رؤوس الجميع باستثناء المُختارين، أيْ الذين حماهم الرب في الأيّام الأخيرة. ولكن في هذه المقالة، سنركّز على مشهديّات لبنانية متناقضة، بل هي مدعاة للسخرية.
تضمّ هذه المشاهد أحداث ومواقف متناقضة ومُضحكة- مُبكية:
نسبقُ العالَم بالوقفات الإنسانيّة، والتّضامن مع المظلومين والمنكوبين، في حين أنّنا أعداء أنفسنا، وقد أهملنا بيتنا الداخليّ وتركناه فريسة الطّامعين وذئاب العالَم.
نشرّعُ في غياب رئيس للجمهوريّة، كَمَن يكذبُ على نفسه، في حينٍ أنّنا لم نبلغ البتّة إلى سدّ فجوةٍ واحدة؛ فراغ رئاسيّ جمهوريّ، وفراغ على رأس الحكومة (حتّى لو وُجد نجيب ميقاتي لتصريف الأعمال) وفراغ على رأس المديرية العامّة للأمن لعام، وفراغ على رأس حاكميّة مصرف لبنان وفراغ على رأس قيادة الجيش (حتّى لو تمّ التجديد للقائد الحاليّ) وفراغ في القيادات الأخرى.
وبالنّسبة لأحدث الفجوات والفراغات والكامنة في قيادة الجيش اللبنانيّ، يتذرّعون “بالأمن القوميّ” علمًا أنّ هذه الذّريعة لم تعدْ نافعة لأنّ أمن لبنان مستَبَاحٌ منذ زمن وقرار الحرب والسّلم لم يكنْ يومًا في أيدي أحد من الحكومة ولا حتّى رئيس الجمهوريّة، علمًا أنّ “الأمن القوميّ” لا يتوقّف على شخص دون سواه، لاسيّما أنّ الجيش اللبنانيّ لا يتمتّع بالقدرة والعَتاد للدفاع عن لبنان ضدّ أيّ عدوان غاشم.
ومن بين المشاهد اللبنانية التي “تخدش حياء” المتنوّرين والمثقفين هو إصرار Jean-Yves Le Drian باسم فرنسا وأوروبا على بقاء قائد الجيش اللبناني جوزف عون في موقع القيادة، حفاظًا
على أمن أوروبا وفرنسا. كيف يكون هذا؟ وما هو دور القائد الحاليّ بعيدًا عن حدود الدولة اللبنانيّة؟ وهل عناصر المؤسّسة الآخرون غير مؤهّلين للقيام بهذا الدّور؟ هل نفهم من ذلك أن المؤسسة العسكريّة منقسمة؟
وعن القرار 1701، وعن الإملاءات الغربيّة لتطبيقه، فهل يُطبّق هذا القرار “الخنفشاريّ” من قِبل لبنان دون “إسرائيل”؟
في المحصّلة، إذا كان المشهدُ اللبنانيّة وحده يضمّ هذه التناقضات، فما هو الحال بالنّسبة لمشهديات العالم التي تُنذرُ بحرب عالميّة ثالثة؟
إدمون بو داغر