وهم الوجود والنأي عنه!
غريب أمر الحكومة اللبنانية. تتدخل في شؤون وشجون عالمية حيث لا علاقة لها بالموضوع ولم يطلب احد رأيها، وتنئى بنفسها عن ابسط مسؤولياتها الداخلية حيث تتفاقم الازمات الى حد التهديد بفقدان الرغيف.
ربما اعتبر نجيب ميقاتي نفسه، في صحوة مفاجئة، رئيس حكومة دولة حقيقية لها قرارها الحر المبني على ديمقراطية صحيحة. وهو يعيش الوهم انه وصل الى الحكم بمبايعة شعبية، وليس بتسوية رخيصة بين مافيات تتحكم بمواطنين شرذمتهم بسلاح الطائفية. او ان بكل بساطة مصالحه تحتم أن يرضي أربابه في الخارج، فيما المصلحة الوطنية تحتم علينا الحياد انطلاقا من مبدأ “عند تغيير الامم احفظ رأسك”.
صراع حول نظام عالمي جديد!
نشاطر بالمطلق رأي الخارجية اللبنانية بالنسبة للغزو الروسي لأوكرانيا. انه يذكرنا بما حل بنا عندما احتل السوريون بلدنا، ولو اختلفت طرق الدخول. كما نشاطر خيبة امل الشعب الاوكراني الذي واجه وحيدا وباللحم الحي جيشا جبارا عالميا، فيما الغرب يكتفي بالاستنكار والتهويل والتهديد بعقوبات لن تؤثر على المدى القصير. وكما جرت العادة تتحارب الدول على حساب اوكرانيا بإرسال اسلحة فيما الشعب يموت. وقد اظهر الاوكرانيون بمقاومتهم انهم ليسوا فريسة سهلة، ما ساهم في استنفار العالم لمساعدتهم. لكن بالنتيجة الضعيف يبقى دمية بين ايدي الكبار وعرضة لتسويات فيما بينهم. فالدول العظمى تتشاطر اليوم المناطق والشعوب في عملية ترتيب أمورها، بانتظار المواجهة الكبرى مع الصين التي تتهيأ لتصبح لاعبا اساسيا.. بل الأكبر.
اننا في صلب صراع حول النظام العالمي الجديد، ولبنان المنهار يحكمه أشخاص تائهون بين ميغالومانيا التوهّم انهم موجودون، وبين النأي بالنفس بل نكران الوجود!